الخميس، 18 أبريل 2013

اقتصاد: أبحاث القيمة والثمن

اقتصاد: أبحاث القيمة والثمن


بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،


عرف الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله تعالى في كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام القيمة بأنها:


"مقدار ما في الشيء من منفعة مع ملاحظة عامل الندرة".

ومن التعريف نجد أن هناك عاملان يدخلان في تحديد قيمة الشيء هما : مقدار المنفعة والندرة.

أما عامل المنفعة فهو ثابت في ذات الشيء حيث أنه يشبع بمقدار معين وهي -أي المنفعة- ثابتة بالمقارنة مع غيره من الأشياء.

أما عامل الندرة فهو متغير، وهو لا علاقة له بالأشياء ذاتها بل بأشياء خارجة عن ذات الشيء وهي مرتبطة أكثر بمحددات الندرة والوفرة.

ولتحديد تأثير محددات الندرة والوفرة وتأثيرها في القيمة، فإن هذا العامل -أي الندرة- لا يؤثر في القيمة إلا عند حدود معينة أي أن هذا العامل قيمته تساري صفرا في تحديد القيمة عندما تكون الأشياء المعروضة وفيرة. ويكون هذا العامل مؤثرا عند محددين:

المحدد الأول: هو محدد الندرة بمعنى أن المعروض والمتوفر من هذا المال أو الجهد (السلعة أو الخدمة) قليل إلى حد يجعل التنافس والصراع عليها بين المنتفعين يأخذ طابعا عنيفا.
المحدد الثاني: هو محدد الوفرة الكثيرة للمعروض والمتوفر من هذه السلعة أو الخدمة إلى حد يجعل التنافس والصراع عليها معدوما.

وهذا التفسير يحل إشكالية قيمة الماء بالنسبة للألماس أو كما يقول الأجانب: (Water Diamond Paradox)
حيث أن الماء له منفعة عظيمة بالنسبة لحياة الإنسان ولكن ما الذي يجعل قيمته هذه ضئيلة بالنسبة للألماس الذي تكون منفعته للإنسان قليلة وقيمته عالية جدا؟

وبالتالي فإن تفسير هذا الأمر يكون بالاعتماد على محددات الندرة والوفرة، حيث وفرة الماء في الأرض ونزول المطر يجعل لهذا الماء قيمة أقل بسبب الوفرة العظيمة فوق حد الوفرة (أي أنه يلبي حاجات الإنسان بأضعاف ما يحتاجه)، حيث أن الماء يصل إلى كل شخص منتفع وإلى كل بيت دون تعب. أما الألماس فمنفعته بالنسبة للإنسان قليلة ولكن قيمته وثمنه مرتفع، وهذا يعود إلى تأثير عامل الندرة (محددات الوفرة والندرة) حيث أنه غير متوفر إلا في مناجم يحتاج استخراجه منها إلى جهد عال.

والخلاصة أن قيمة الشيء تعود إلى عامل واحد وهو مقدار ما فيه من منفعة بشرط أن يكون عامل الندرة محيدا أي أن تأثيره يساوي صفرا، بمعنى أن توفر السلعة أو الخدمة في السوق يقع بين محددات الوفرة والندرة، أي أن السلعة أو الخدمة لا تزيد عن حد وفرة معين ولا تنقص عن حد ندرة معين أي يقعان بينهما، وإذا تجاوت كمية السلعة أو الخدمة هذه الحدود (أعلى من حد الوفرة أو أدنى من حد الندرة) يبدأ تأثير عامل الندرة والوفرة ويصبح لهذا العامل أثرا في زيادة القيمة ونقصانها.


ملاحظة هامة:

يجدر بالملاحظة أن حزب التحرير ذكر في تعريف القيمة جملة هامة وهي (مع ملاحظة عامل الندرة).

وهذه الجملة لم تصغ عبثا بهذا الشكل في التعريف، وإنما هي مقصودة فذكر كلمة "مع ملاحظة" ولم يذكر غيرها مثل حسب قانون العرض والطلب مثلا.

فإدخال قانون العرض والطلب هنا غير دقيق وليس هو المقصود، لأن قانون العرض والطلب يؤثر في الثمن وليس في القيمة، وهذا أمر جد هام لا بد من ملاحظته.

والمدقق في الكلام المذكور أعلاه يلاحظ الفرق، حيث أنني ذكرت أن هذا العامل -أي عامل الندرة- لا يلاحظ عند وجود الوفرة وليس له أثر في القيمة، ولكن هناك حدود معينة يؤثر فيها عامل الندرة وهناك حدود لا يؤثر فيها ألا وهي محددات الوفرة والندرة، وهذا ما أفهمه من التعريف من معنى لـــ"مع ملاحظة عامل الندرة"

وما ذكرته من محددات الندرة والوفرة هي التي لها تأثير في القيمة، وليس قانون العرض والطلب.

فأرجو أن تلاحظ الفرق الدقيق بين الأمرين

والله الموفق وعليه التكلان

والحمد لله رب العالمين

رابط: http://www.alokab.com/forum/index.php?showtopic=6997&pid=33391&st=0&#entry33391
 

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم يا استاذ
    جزاك الله خيرا كثيرا.
    لماذا لا يفتح منتدى العقاب.

    ردحذف

شكرا لك على التعليق