الاثنين، 24 سبتمبر 2012

ملخص علاقة السببية

ملخص علاقة السببية


 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد،

أيها الإخوة الكرام

فقد كتبت موضوعا حول علاقة السببية وقد جرى تبادل رأي فيه مع أحد المفكرين، وقد قمت بتلخيص هذا الموضوع الهام جدا على شكل نقاط، وهي كالتالي:

1. الأصل في أشياء الكون جميعا أنها مستقرة ومتزنة لا تتغير ذاتيا، أي هي عاجزة وقاصرة عن تغيير حالة الاستقرار التي هي فيها لوجود صفة الاحتياج أو القصور الذاتي فيها، فهي تقاوم تغيير تلك الحالة من الاستقرار ولا تتغير إلا بتأثير أسباب معينة.

2. السبب هو الشيء الذي يكتسب طاقة التغيير في زمن معين، ويستطيع بامتلاكه هذه القوة السببية أن يؤثر في غيره من الأشياء القابلة للتأثر ونقلها من حالة معينة إلى حالة جديدة مغايرة للحالة السابقة.

3. للسبب ثلاث صفات هي استطاعة التغيير والتأثير، والتعاون مع الشروط، وحتمية أو ضرورة الإنتاج للمسبّب.

4. المعيار الصحيح للتفريق بين العوامل التي تحدث النتيجة أي التفريق ما بين السبب وباقي الشروط يكون بناء على اكتساب واحد من هذه العوامل أو أكثر للطاقة المؤثرة فيتم اعتباره سببا لتلك النتيجة.

5. العلاقة السببية تثبت بين واقعتين متتابعتين إذا تبين بالتحليل العقلي أن حصول الواقعة السابقة زمنا (بدء فعالية السبب) قد حرك قانونا أو مجموعة من القوانين الطبيعية أفضت وأدت حتما ولزوما إلى حصول الواقعة التالية. فالقوانين هي الرابط بين طرفي العلاقة السببية.

6. العلة التامة هي جميع العوامل التي يتوقف عليها وجود الفعالية السببية التامة التي تؤدي إلى حدوث النتيجة، وهي الأسباب والشروط اللازمة وغياب الموانع. وإذا غاب أحدها فإن العلة تعتبر ناقصة ولا يحدث المسبَّب حتما أي لا نحصل على نتيجة.

7. الطاقة في هذا الكون فيها قابلية التحول من شكل إلى آخر، ولكن هذا التحويل لا يتم بشكل كامل وتام، وإنما تنتقل الطاقة بنسبة معينة فيما تتحول النسبة الباقية إلى أشكال أخرى من الطاقة وتسمى"مجازا" من قبل الإنسان بالطاقة الضائعة.

8. التسلسل السببي هو تحول النتيجة أو المسبَّب المنفعل بالطاقة السببية إلى سبب جديد يولد تأثيرا في شيء آخر غيره، وهذا يؤثر على مسبب آخر يتحول إلى سبب جديد وهكذا.

9. السلسلة السببية سلسلة محدودة أي أنه لا بد لها من بداية ونهاية حتما في زمان ما ومكان ما، ذلك أن الطاقة السببية هي كمية محددة والشروط المحيطة بالأشياء واللازمة لعمل الأسباب هي أيضا محدودة، وهذه المحدودات لا يمكن أن تنتج سلاسل لانهائية من الأسباب والمسببات، لأن صفة المحدودية كما تنطبق على الكمية فإنها تنطبق على عدد حلقات هذه السلاسل.

10. التعاون بين مجموعة من الأسباب لأداء عمل مشترك يشكل نظاما سببيا، فالنظام يتكون من أجزاء، وما يجمع هذه الأجزاء معا هو وجود شبكة من الروابط بينها والى ترتبها في نسق وأشكال ربط معينة أو وفق برمجة محددة.

11. الأشياء تميل إلى الفوضى ولا تنتظم إلا جبرا عنها، ولذلك لا يوجد تعاون تلقائي بين الأسباب لأداء وظيفة ما بل العكس هو الصحيح، والنظام السببي بحاجة إلى روابط وإلى طاقة تجمع الأجزاء المختلفة لتشكيل كيان جامع، وإذا كسرت الروابط انفلتت تلك الأجزاء من النظام وعادت إلى حالتها الطبيعية ودبت فيها الفوضى.

12. بما أن الأصل في تصرفات الأسباب أنها تميل إلى الانفلات من النظام فإن وجود النظام ابتداء بحاجة إلى سبب يربط ويجمع أجزاءه ويبرمجها حتى يتشكل النظام ليؤدي الوظائف التي أرادها له منظمه.

13. جميع الأنظمة السببية تميل إلى الاستقرار والتوازن، ولذلك فهي بالتالي تحتاج إلى حلقات التأثير العواد المعادل (التغذية الرجعية أو السببية المرتدة).

14. وجود التأثير العواد المعادل يعمل على تقليل الفارق بين ما هو كائن وموجود وما يجب أن يكون عليه النظام، فهناك الوضع الراهن وهناك الوظيفة أو الوضع المرغوب الذي يسعى النظام إلى الوصول إليه. ولذلك فلا بد بالضرورة أن يكون لكل نظام وظيفة أو هدفا وهو الوصول إلى تلك الحالة المرغوبة أو الحفاظ عليها.

15. يحتاج النظام لكي يقوم بعمله ولكي يصل إلى الوضع المرغوب، إلى مقياس دقيق وصحيح لتقييم الفارق بين الوضع الراهن والوضع المرغوب فيستطيع تقييم الفارق بين الحالتين ويقوم تاليا باتخاذ الإجراء اللازم للتصحيح. وتمثل الحواس الخمس والعقل في الإنسان تلك المقاييس اللازمة للتقييم وتحقيق الأهداف.

16. الأنظمة السببية غير العاقلة كالسيارة والساعة والنظام البيئي ليست غائية بذاتها أي لا توجد لها أهداف خاصة بها، بل تقوم بأداء عملها ووظيفتها كما هي مبرمجة عليه وفق القوانين والسنن الطبيعية.

17. الأنظمة السببية العاقلة كالإنسان والدول والأحزاب لها دوافع إرادة وغاية وراء كل فعل سببي تقوم بأدائه وتكون سابقة للأفعال السببية.

18. مبرمج أو صانع الأنظمة السببية غير العاقلة هو من يملك الإرادة وهو صاحب الهدف وهو الذي يحدد وظيفة وعمل النظام.

19. هناك فارق بين السببية الفيزيائية والسببية المتعلقة بأفعال وسلوك الإنسان بسبب وجود الإرادة والاختيار أو الحرية لدى الإنسان.

20. السببية الإنسانية لها شق فيزيائي حتمي وهو الأفعال التي تباشرها أعضاء الجسم متلبسة مع الشيء الآخر الواقع عليه هذا الفعل. والشق الآخر للعلاقة السببية الإنسانية يتعلق بالإرادة أو التفاعل بين المثيرات الخارجية أو الداخلية وبين القيام بالفعل.

21. سلوك الإنسان يكون بحسب مفاهيمه عن الأشياء، وهذا السلوك ليس آليا بل لا بد من صدور الأمر من العقل أولا لوجود الاختيار والإرادة، وبالتالي يكون الإنسان مسؤولا عن الفعل الذي قام به أي أن الإرادة هي سبب الفعل والسلوك.

22. الإرادة الإنسانية هي تلك الحلقة المتوسطة بين وجود المثير والقيام بالفعل أو التصرف الإنساني، وهذا ما يميز السببية الإنسانية عن غيرها بأنها اجتماعية وليست تلقائية أو آلية.

23. التنبؤ بالمستقبل وتوقع النتائج ضروري للإنسان لتحقيق غاياته وأهدافه، وهذا يستلزم معرفة الإنسان لكيفية تصرف الأسباب المنفردة وكذلك تصرف أنظمة الكيانات السببية، ويكون ذلك باكتشاف قوانين الطبيعية وسنن الطبائع التي تتحكم في العلاقة السببية.

24. السببية الفيزيائية تخضع لقوانين طبيعية صارمة وحدية، أما السببية الإنسانية فتخضع لسنن دائمة أو طبائع ولكنها غير صارمة أو غير حدية.

25. الطريقة العلمية في البحث تصلح لاكتشاف القوانين المادية الطبيعية بسبب إمكانية التأكد من النتيجة بإخضاع المادة للفحص في المختبر، كالفيزياء والكيمياء والهندسة.

26. الطريقة العقلية أوسع من الطريقة العلمية وهي لا تشترط الفحص المخبري بل تكتفي بالمشاهدة الحسية والاستقراء والقياس، وبالتالي فهي تصلح للمعارف الاجتماعية والإنسانية كالسياسة والاقتصاد والتشريع والتربية والنفس.

27. يمكن اكتشاف السنن أو الطبائع من خلال المشاهدات والاستقراء التاريخي، وهي لا تخضع للفحص في المختبر كما هو حال الفيزياء، ويستعان في اكتشافها وتحديدها بنظرية الاحتمالات والإحصاء الرياضي.

28. فكر الإنسان لا يستطيع التعامل مع السببية الموسعة عند البحث في ظاهرة إنسانية معينة، فيلجأ إلى اختزال أهم الأسباب من خلال اختيار تلك العوامل الأكثر أهمية والأكثر تأثيرا، واستبعاد تلك العوامل قليلة التأثير أو التي لا يمكن ضبطها من خلال قياس مقاديرها.

29. تتأثر عملية اختزال الأسباب بمنظومة الإنسان الفكرية ورغباته، وتكون دقة عملية اكتشاف سنن الطبائع عالية أو أقل دقة متعلقة بمدى حياد الباحث بالإضافة إلى مدى سهولة أو تعقيد الظاهرة الواقعة تحت الدراسة، ويضاف إلى ذلك مدى قدرته على فهم الظاهرة والتي تتأثر عادة برغباته وآرائه السابقة.

هذا ملخص علاقة السببية فأرجو من كان لديه من الإخوة تعقيب أن يكتبه هنا لنتناقش فيه ويتم الله به الفائدة.

ولكم جزيل الشكر سلفا

والسلام عليكم
رابط الموضوع من منتدى العقاب:
http://www.alokab.com/forums/index.php?showtopic=25212&hl=علاقة+السببية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا لك على التعليق