الأربعاء، 20 فبراير 2013

سقوط دعوى المساواة بين الرجال والنساء (1)

20/2/2013

سقوط دعوى المساواة بين الرجال والنساء (1)

الحمد لله والصلاة والسلام عل رسول الله
 أما بعد،
 
خلق الله تعالى الرجال والنساء، وجعل كلا منهما بحاجة للآخر ليتعاونا ويتكاملا، ولو كانا متماثلين ومتساويين لما كان أحدهما بحاجة للآخر ليكمله ويسد نقصه، ولولا وجود الاختلاف بينهما لما كانا بحاجة للتعاون لأداء أشرف مهمة إنسانية بتكوين الأسر وإنجاب الأطفال وتربية النشء.

ولنضرب على ذلك مثالا من الواقع، وهو ما يذكره علماء الإدارة والاقتصاد ويطلقون عليه العمل ضمن فريق واحد او ما يسمونه بالانجليزية (Team Work) فعمل الفريق له ميزات انتاجية حسنة تفوق عمل الأفراد كلهم منفردين، لذلك تقوم الدول والجمعيات والأحزاب والشركات بتشجيع العمل الجماعي ضمن فريق واحد ومنظومة مشتركة لأداء المهام، لما لذلك الأمر من مزايا ينتفع منها الجميع.

وتقسم الأعمال (فكرة تقسيم العمل) بين أعضاء الفريق كل حسب قدراته وإمكاناته، ويتعاون الفريق ضمن منظومة محددة لإنجاز عمل معين ويكلف كل من أعضاء الفريق بوظيفة معينة أو مهمة محددة فيما يمنع الآخر من القيام بها ويسند العمل إلى رئيس لهذا الفريق تقع عليه مسؤوليات العمل ويدير الفريق ضمن صلاحياته ويحدد واجبات كل عضو في الفريق ويحاسبه ويعاقبه إن خالف اللوائح والقوانين ويكافئه إن عمل بإحسان.

ولو طبقنا هذا المفهوم على العلاقة بين الرجال والنساء فهم كأعضاء فريق واحد يكمل الآخر ولا يماثله تماما، لذلك فلا مساواة، فهؤلاء الأعضاء متماثلون من جهة ومختلفون من الجهة الأخرى، فهم جميعا -أي الرجال والنساء- أعضاء في هذا الفريق (متساوون في الإنسانية) ولكن على كل منهم تقع واجبات ومسؤوليات (العمل والنفقة على الرجال أو رعاية شؤون البيت والأمومة وتربية الأطفال على النساء) ولكل منهم حقوق (في الميراث والقوامة)، ولكن لو كانوا جميعا متساويين في الحقوق والواجبات والمسؤوليات لكان لا لزوم للفريق ولا لزوم بالتالي للاسرة، ولكان بإمكان كل فرد العمل والعيش بمفرده ولا حاجة للعمل ضمن الفريق لأنه لا ميزة لأحدهم على الآخر.

لذلك اقتضت حكمة الله بأن يجتمع الرجال والنساء لتكوين أسرة في عمل جماعي ضمن فريق واحد، للرجل حقوق وعليه واجبات وللمرأة حقوق وعليها واجبات (تقسيم العمل)، وقد أناط الشرع للرجل القوامة على الأسرة وكان عليه تأمين المسكن والنفقة وتوفير كل ما يلزم لشؤون البيت من الخارج، فيما كان على المرأة رعاية شؤون بيتها من الداخل فيما يخص الأمومة وتربية الأطفال وحاجات البيت، وبهذا يتعاونان كليهما لأداء واجباتهما ويتكاملان ولا يتماثلان ولا يتساوييان تماما. وقد ركب الله تعالى في طكل من الرجل والمرأة صفات وخاصيات معينة تؤهله للقيام بوظيفته وتعينه على أداء مهامه فالرجل خصه الله تعالى بالقوة الجسدية والجرأة لأداء الأعمال الخارجية ولحماية الأسرة من الأخطار وخص المرأة بصفات الرحمة والعطف والحنان والصبر والحياء والجمال لتكون مؤهلة لتربية الأطفال وأن تكون ربة بيت لرعاية شؤونه من الداخل، ولأن أداء هذه المهمات تتعلق به مشقات جعل العلاقة بين المرأة والرجل علاقة مودة ورحمة ورغبة لكل منهما بالآخر وركبت الشهوة الجنسية في كل منهما للميل للجنس الآخر ليتعاونا طوعا ورغبة لأداء المهمات الإنسانية في داخل الأسرة وليس بالقهر والتسلط والتغلب والاستعباد بل بالتعاون والتكامل والمحبة والرحمة والسكن.

وبذلك فأن دعوى مؤسسات المرأة وبعض الاتفاقيات الدولية للمساواة هي دعوى باطلة تدعو إلى تفكيك العمل الجماعي لتحط من الانتاج الانساني المثمر بتدمير الأسرة وتدمير العمل ضمن الفريق الواحد وتنتكس وتنحط بالعمل الجماعي الأسري الذي فطر الله الناس عليه، إلى العمل الفردي غير المنتج، ويجعل النظام الغربي الرأسمالي الذي يدعو إلى تحرير المرأة بدعوى المساواة، يجعل العلاقة بين المرأة والرجل علاقة صراع دائم يحرض فيه النساء ضد الرجال ويحرض فيه الرجال ضد النساء، وتحدث المغالبة بينهما وتنفك عرى العلاقات الإنسانية الفطرية ويؤدي إلى عدم التعاون ولا التكافل ولا التكامل، وهذا كله يؤدي إلى الفساد والظلم لينتصر في هذا الصراع الأقوى كما هو الأمر في قانون الغاب، فماذا يريد دعاة مساواة المرأة بالرجل غير تدمير أواصر الأسرة الفطرية؟! وتحويل المرأة إلى عدو للرجل عليها أخذ حقوقها بالمغالبة والصراع والتدافع وما يؤدي إليه ذلك من مفاسد وتناحر وإضاعة للقيم الخلقية والإنسانية!!

ونظرة خاطفة على حال مجتمعات المسلمين أيام عزتهم ونهضتهم وحالنا اليوم وكذا حال المجتمعات الغربية تري الفرق بين النظرتين، نظرة راقية فيها التكامل والتعاون والتآلف والعمل الجماعي المشترك لتكوين الأسرة ونهضة المجتمع، ونظرة أخرى تقوم على التباغض والصراع بين الرجال والنساء لتحقيق إنجازات موهومة للنساء تحت ذريعة براقة تسمى المساواة وتحرير المرأة.

وبالتالي فهذه الدعاوى هي دعاوى هدامة للمجتمع وللأسرة وهي دعاوى باطلة، تأخذ بمجتمعاتنا إلى هوة الصراع والتحاسد والتباغض وتؤدي إلى إفساد العلاقات المجتمعية والأسرية، وتبعده عن الفضائل ومحاسن الأخلاق والتعاون.

اللهم احم امتنا من دعاة الفتن والضلال والفساد، واحم نساء المسلمين وبناتهم من كل من يتربص بهن بالسوء

والحمد لله رب العالمين على نعمة الإسلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا لك على التعليق